التجارة في الصغر

نشاط التجارة والأعمال يبدأ
من المدرسة في هذا العصر الذهبي لمؤسسي الشركات الشباب.

برنت هوبرمان*
Brent Hoberman

بدأت رحلتي على درب رجال الأعمال من ذوي الذهنية المغامرة والمبادِرة عندما طردت من وظيفة استشارية عملت بها، ثم حدث خلاف هامشي دفعني للانفصال عن شركة مبتدئة كنت من أوائل الموظفين الذين انضموا إليها. بلغت حينذاك الثامنة والعشرين، ولم يكن لدي ما أخسره: لا بيت أسدد أقساط رهنه، ولا زوجة أو أطفال أعيلهم، وباستطاعتي ركوب المخاطرة وتأسيس شركة خاصة بي.
قلت لنفسي: هيا لا تتردد. وكانت النتيجة شركة lastminute.com.
عندما أنظر إلى الماضي الآن لا أجد أن الثامنة والعشرين سن مبكرة للانطلاق في عمل يقوم به رواد الأعمال. في الشهر الفائت عرض عليَّ صبيان في الرابعة عشرة فكرة تجارية مبتكرة. وفي الأسبوع الذي سبقه، أطلقت منافسة في مدرستي القديمة لابتكار أفكار ملائمة لشركات مبتدئة في ميدان تقانة التعليم.
لقد تآلفنا الآن مع افتراض أن الأفكار الخلاقة تأتي من مصادر شتى: من أي عمر أو مكان أو خلفية. وربما يكون المفكرون الشباب أكثر ميلاً لرؤية الفرص من العقبات، ولا ريب في أن دفعة من التفاؤل الساذج سمة مفيدة، بل جوهرية، في رائد الأعمال صاحب الذهنية المغامرة.
وعندما أتذكر مع مارثا لين فوكس أيامنا المبكرة في الشركة، كثيرًا ما نقول لو عرفنا بالعقبات والعراقيل التي وجب علينا مغالبتها في تحدي شركات الاتصال الكبرى الراسخة في الميدان لما بدأنا المشوار أصلاً.
كان المفتاح لنا، كحال عديد من المؤسسين، هو دخول المعمعة ومواصلة العمل دون كلل. لم يتلق أي منا تعليمًا تجاريًا متخصصًا، لكننا تعلمنا من تجربة الصواب والخطأ، وكنا على ثقة بأننا سنتخذ ما يكفي من القرارات الجيدة لتطغى على السيئة.
يكمن جزء من اللعبة المخادعة في تقييم المخاطر. فكيف نساعد رواد الأعمال المغامرين والطامحين لإتقان هذه المهارة وتحسين فرص تأسيس شركات قابلة للاستدامة؟ الجواب هو تدريب أطفالنا على التفكير التجاري المتميز بروح المبادرة والمغامرة منذ وقت مبكر. نحتاج إلى مزيد من المبادرات التي تدرس هذه المهارات التجارية، وتبين أهمية التفكير الجانبي ومنطقه، والأهم، أن العمل التجاري المنجز بنجاح يجب أن يكون ماتعًا وهادفًا.
استلهمتْ طموحاتي وحيها من رواد الأعمال المغامرين والمبادرين في أسرتي، ومن رغبة رجل من خارج المؤسسة في تحديها. مواجهتي الأولى مع مهارات التجارة والأعمال حدثت في أثناء إدارة نادٍ في المدرسة. لم تكن هناك جمعية لريادة الأعمال المعتمدة على روح المغامرة والمبادرة، أما اليوم فقد أصبح هذا النادي الأكثر شيوعًا في كثير من المدارس. وفي أكسفورد، بعد خمسة وعشرين عامًا، دخلت أول منافسة لابتكار خطة أعمال تجارية في الجامعة، ونلت المرتبة الثانية. كما توليت إدارة نادٍ فرنسي وجدت متعة في تحويله من تجمع يضم خمسين عضوًا بالمجان، إلى آخر ينتسب إليه خمس مئة برسوم عضوية، واجتذب رعاية مؤسسات كبرى مثل «لوريال»، ومصرف «سوسييتي جنرال».
حدث تغير مثير في المواقف تجاه ريادة الأعمال مذ أن كنت طالبًا، جراء دخول الشباب إلى الميدان إضافة إلى جملة من المبادرات لتشجيعه. أعمل مستشارًا لمؤسسة MyKindaCrowd، وهي منصة للشركات لابتكار تحديات تجارية للطلاب. كما تستفيد من الفائض الإبداعي في المدارس والجامعات، وتوفر للشباب سبيلاً للاقتراب من التجارة والأعمال.
توفر شركة بيزورلد Bizworld، التي أسسها المستثمر المغامر تيم دريبر عام 1997، طريقة ماتعة ومرتكزة على المشروعات لتعليم تلاميذ المدارس أساسيات التجارة وريادة الأعمال، وتمكنت من الوصول إلى نحو نصف مليون تلميذ. فوجئت بتأثيرها النافذ في الأطفال الذين يواجهون أشد المصاعب على الصعيد الدراسي. ولكثير منهم، ولدت حماسة جديدة تجاه المدرسة، وشكلت نقطة تحول مفصلية في أدائهم الدراسي.
تتبدى القوة التغييرية لطموح ريادة الأعمال في بيجاي مولينغا (20 سنة)، الذي ينسب نجاح متجر الحلوى الذي يملكه إلى إثارة حماسته واهتمامه بالمدرسة مجددًا وارتفاع معدل درجاته. وتدرّس أكاديميته، Supa Tuck، طلاب المرحلة الثانوية أسلوب إدارة متاجر الحلويات، أو المأكولات. في هذا الصيف، سوف يطلق خطة طموحة يستثمر فيها 500 من المراهقين نحو 30 ألف جنيه إسترليني في متجر لبيع الحلويات، مع هدف يتمثل في زيادة المبلغ إلى نصف مليون.
إضافة إلى ذلك كله، تجسد منظمة UP Global غير الربحية التي تتلقى الدعم من ستيف كيس، مثالاً ملهمًا عاليًا على مستوى تحفيز القاعدة الأساسية لذهنية ريادة الأعمال. واجتذبت مناسبات المنظمة التي تكونت من اندماج مؤسستي Startup America وStartup Weekend أكثر من 100 ألف من رواد الأعمال المبتدئين والشباب الطامحين لتأسيس شركات خاصة بهم.
فيما يتعلق بالخريجين الشباب في بريطانيا، ثمة كثير من الفرص المتاحة لتطوير المهارات والمعارف والخبرات كتلك التي تعرضها «مؤسسة رواد الأعمال الجدد» New Entrepreneurs Foundation، وهي مؤسسة خيرية تتلقى الدعم من الشركات. وفي الحقيقة، أود رؤية العديد من مثل هذه المنظمات، وأعتقد أننا في حقبة يمكن أن تتمتع فيها الحوافز الحكومية بالكفاءة والتأثير.
إنني أب الآن، وأشعر بالغبطة حين أشاهد بناتي يتفوقن في منافسات الألعاب باتباع استراتيجية تقلص الوقت المهدور وتخفض السعر. فقد وفقن بالنشأة في حقبة تهيمن فيها توجهات ريادة الأعمال وتتاح فيها لرواد الأعمال الشباب والمبادرين فرص النجاح والتفوق، بصورة لم تحدث من قبل. ومثل باقي البشر الذين يعيشون في العصر الرقمي، فإنهن في موقع مثالي للتكيف معها والتفوق فيها.

* برنت هوبرمان مؤسس مشارك في:
Lastminute.com
Made.com
Founders Forum and Smartup.io